أولوز: مدينة عريقة بين براثن النسيان والتهميش
منبر الجهات/الحسين ناصري
تعيش مدينة أولوز اليوم وضعًا مزريًا يُرثى له، لا يليق بتاريخها العريق ومكانتها الإدارية. هذا الواقع يرفضه سكانها، وخاصةً شبابها الذين يتناقلون حكايات تعكس تدهور وضعها التنموي. فما سر هذا الوضع المتردي الذي لازم أولوز منذ نشأتها، والذي يوصف بالإقصاء والتهميش، سواء كان مقصودًا أم لا؟
خلال زيارتي لهذه المدينة العريقة، التي يعاني سكانها قهرًا، أردتُ أن أساهم وأتضامن مع كل من يحمل همّ هذه المدينة، وحتى مع أولئك الذين يتحسرون على وضع الإقليم الذي كان من المفترض أن يضمها، ولكن دون أن ترقى لمستوى باقي مدن ومراكز الإقليم.
واقع الحال:
كانت أولوز تتمتع بكل مقومات المدينة العصرية: مبانٍ ذات هندسة متجانسة، أزقة واسعة، أشجار باسقة توفر الظل، مدارس، محطة طرقية (في السابق)، وسوق كبير يجتمع فيه فلاحو الجماعات المجاورة لعرض منتجاتهم. فكيف أصبح حالها اليوم؟
سأصف واقع المدينة بلغة العقل والمنطق، مستندًا إلى الحجة والبرهان والتاريخ والواقع المعاش، دون مبالغة عاطفية أو استجداء للتعاطف.
منذ أن تبنت المملكة الخيار الديمقراطي وبدأت في بناء المؤسسات عبر صناديق الاقتراع عام 1976، تطلع سكان أولوز، وخاصة المهتمين بشؤونها، إلى رؤية مدينتهم تزدهر ببرامج تنموية هادفة. كان من المفترض أن يسهر المجلس المنتخب على إنجاز هذه البرامج وتطوير البنية التحتية.
لكن انتظارات السكان لم تتحقق. فالإنجازات التي تحققت عبر المجالس المتعاقبة لم تكن في المستوى المنشود، لا من حيث البنية التحتية ولا التهيئة الحضرية. نشأت أحياء عشوائية لم تكن ضمن اهتمامات المنتخبين والمسؤولين، فبقيت تعاني من الإهمال والتهميش والظلم.
بمعنى آخر، تعيش أولوز أسوأ مراحلها. فالإهمال والتقصير وعدم التعامل بجدية مع المسؤولية أوصلها إلى وضع يُبكي العيون ويُدمي القلوب. خلال جولتي في شوارعها وأزقتها، يتبادر إلى الذهن أنها تئن من وطأة انعدام المسؤولية. الخراب يطال شوارعها، وما يُسمى "إعادة التهيئة" لأهم شوارعها أصبح ملاذًا لكل من تعاقب على تدبير شؤونها.
اليوم، تغرق المدينة وسكانها في دوامة الأشغال وإعادة الأشغال. حتى الشارع الرئيسي، الذي يشهد حركة مرور كثيفة، خاصة في أوقات الذروة، لم يجد المسؤولون حلولًا لمشاكله. فقد أصبح مليئًا بالحفر والشظايا والأحجار، ما يتسبب في اهتزاز وتكسر السيارات بشكل يومي. حتى أن السكان يتساءلون: متى تنتهي هذه "الحرب"؟ هناك حاجة ماسة لتهيئة الشارع الرئيسي وإنشاء محطة طرقية لائقة.
تنمية مفقودة:
تشكو المدينة من نقص في تهيئة شوارع وأزقة وأحياء أخرى، تُعتبر مرتعًا للكلاب الضالة التي تهدد التلاميذ والأطفال والنساء وكبار السن. فانتشار الأزبال والإهمال يؤدي إلى انتشار الكلاب والحشرات والآفات.
يجب الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية تجاه هذه المدينة التي تئن من الإجحاف. إنها تستحق وضعًا أفضل ومستقبلًا مُشرقًا، أسوةً بمدن أخرى، مثل أولاد برحيل وتنزرت. بمقارنة وضع أولوز بهذه المدن، يتضح حجم التهميش الذي تعاني منه، ما يزيد من الشعور بالحسرة والغبن، ويُثير تساؤلات حول أسباب هذا الوضع.
يتغير كل شيء، وتبقى أولوز ضحية منتخبيها.
ما هو رد فعلك؟