سياسة

هشاشة أغلبية صنعتها ظروف وضغوط.. “لمهاجري نموذجا”

منبرالجهات: متابعة

من منا لا يتذكر تلك التعبئة التي قامت الأصالة والمعاصرة إبان قيادة الياس العمري لها خلال الحملة الانتخابية ما قبل الأخيرة. فضح المتظاهرون الذين تمت تعبئتهم بتغليطهم عن هدف مظاهرة كلفت نقل الآلاف من مختلف المناطق إلى الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق. كان الفشل ذريعا وجعل نتائج الانتخابات تزيد من مقاعد العدالة والتنمية في البرلمان. وفكر حليف هذا الحزب في أسلوب جديد لمحاربته. وابتدأ العمل على مدى شهور دون أن يتخلى حلفاء العدالة والتنمية عن مواقعهم الحكومية. وحصل ما حصل وجاءت تركيبة الحكومة الحالية لتقول نفس الشيء وتضع نفس الأولويات التي تم وضعها منذ 2012.

المفيد في القول هو أن النسق الحزبي ببلادنا لم يتعظ بما وقع في فبراير 2011 . والأكيد كذلك أنه لم يقرأ بعمق التحول الدستوري الذي ارتضاه المغاربة من أجل التغيير ودسترة الحقوق الأساسية لكل مواطن. لا يهم أن يضعف حزب وأن يصعد آخر ولكن الأهم هو ألا يتم خداع المواطن من خلال وعود كبرى والظن بأن استغلال عدم التجاوب مع ناخبي الأمس سيضخم شعبية الحزب الأول حاليا ومن تحالف معه لمدة طويلة. أخطأ العدالة والتنمية حين غلب منطق التقنوقراط على منطق الوفاء للعهود والالتزام بالرسائل التي بعثها لمن صوتوا لصالحه. وأكتشف قواعد اللعبة في الأنفاس الأخيرة للولاية التشريعية الأخيرة.

وحلت الحكومة الحالية وحلت معها حزمة من الأزمات الصعبة واقترحت برنامجا لا جديد فيه إلا العناوين. وبدأت المواجهات في البرلمان وخارجه. واختار رئيس الحكومة الابتعاد عن النقاش السياسي المؤسساتي كما حدده الدستور وفضل التوجه المباشر إلى المواطنين عبر الإعلام. أكثر من هذا ظهر جليا أن الفريق الحكومي لا تجمعه إلا الصورة الجماعية وأن ” كل واحد يلغي بلغاه” . ظهر هذا في مجال التشغيل والثقافة والإعلام والمالية والتعليم العالي والصحة والفلاحة. وظهر أكثر خلال الأسابيع الأخيرة خلال مناقشة مشروع قانون المالية. غياب تام لمكونات الحكومة وظهور متميز لوزير منتدب يكاد يخيل للمتتبع أنه صاحب المشروع والمدافع عنه والرافض للتعديلات والقابل لبعضها والموجه للانتقادات لبعض النواب. كل هذا وباقي الوزراء يبتعدون عن البرلمان تفاديا لكلام غير مباح في ظل انتظارات للفئات الفقيرة والمتوسطة وعلى رأسها تراجع القوة الشرائية.

ولأن البرلمان “يحمل صوت الشعب ” إلى الحكومة، تمكنت فرق المعارضة رغم قلة عدد برلمانيها من فرض إيقاع قوي على مضامين مشروع قانون المالية. وشعر الكثير من نواب الأغلبية بحرج كلما تعلق الأمر بإجراء ضريبي أو ضعف العرض الحكومي لحل مشاكل البلاد. رغم تصويتهم ضد أغلبية التعديلات، لم يقتنع الكثير منهم بأهمية ما يسمى بالتضامن الحكومي. وقد ظهر هذا في تدخلات بعض نواب حزب الاستقلال “ونجم تدخلات” الأصالة والمعاصرة هشام المهاجري. قد يختلف في تقييم اداءه الكثيرون، لكن الكل يجمع على أنه لا يرضى لنفسه أن يكون مجرد مصفق لسياسة أو تدابير لا تستجيب لحاجيات المواطنين. ابن شيشاوة المزعج لنخبة حزبه الفرحة بمواقعها يتم تجميد دوره بقرار قيادة حزبه. المستقبل قد يشهد المزيد من قرارات التوقيف وقد يشهد كذلك استمرار تآكل قاعدة لم تأت لحزب من أجل أن تظل نخبة في الصف الأول وتظل هي في الصفوف الخلفية. الحفاظ على المصالح الذاتية والدفاع عن استمراريتها مهمة صعبة في الوقت الراهن الذي يتطلب كثيرا من التعفف. بالأمس القريب كان كثير من القادة السياسيين يتعففون في الاقتراب من الثراء وكانوا يسائلون أعضاء احزابهم حين تظهر آثار النعمة غير المبررة عليهم. واليوم وفي وجود دستور متقدم غاب سؤال ربط المسؤولية بالمحاسبة وتراجعت النية في مواجهة الاثراء غير المشروع. ولهذا لا غرو إذا زادت هشاشة الأغلبية في القادم من الشهور وتراجعت الحكومة عن وعودها الانتخابية. المهم أن ننتبه جميعا لضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي عبر إعطاء مدلول عملي لما سمته الحكومة بالدولة الاجتماعية.

عن موقع مديا90 ـ إدريس الأندلسي: بتصرف

المنشورات ذات الصلة

المزيد من الأخبار جار التحميل...لا مزيد من الأخبار.