الحق في الماء بين الخطاب الملكي والواقع الصادم بجماعة أكليف

في وقت لا يزال فيه خطاب جلالة الملك حول "الحق في الماء" يرنّ في آذان المؤسسات العمومية، تعيش ساكنة جماعة أكليف، التابعة لدائرة أيت داود بإقليم الصويرة، أزمة عطش حقيقية منذ ما يزيد عن شهرين ونصف، بسبب انفجار قناة رئيسية للماء الشروب دون أي تدخل فعلي من المكتب الوطني للماء والكهرباء لإصلاح العطب.
الانقطاع شمل بشكل مباشر ساكنة دواري إيميزار ومراو، اللذين يُضطر سكانهما يوميًا إلى شراء صهاريج مياه متنقلة بأسعار تتراوح ما بين 250 و300 درهم للصهريج الواحد، وهو ما يرهق كاهل الأسر ذات الدخل المحدود، ويطرح أسئلة حارقة حول العدالة المجالية ومهام المكتب الوطني في مثل هذه الحالات.
ورغم تأكيد رئيس جماعة أكليف في تصريح خص به الجريدة أن "المشكل فعلاً قائم وقد تضررت منه عدة دواوير، والجهات المختصة ستتكفل بحله"، إلا أن ما عبّر عنه السكان يتجاوز بكثير حدود الصبر والتطمينات، إذ لا يُعقل – حسب تعبير أحد المتضررين – أن تستمر الأزمة لمدة شهرين ونصف دون حلول ملموسة، في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع الطلب على الماء.
الحق في الماء... بين الخطاب والواقع
خطاب العرش الأخير للملك محمد السادس كان قد شدد على أهمية الحفاظ على الموارد المائية وضمان حق المواطنين في الولوج إلى الماء باعتباره أولوية استراتيجية وحقًا من الحقوق الأساسية، إلا أن واقع الحال في جماعة أكليف يكشف عن فجوة كبيرة بين التوجيهات السامية والتنزيل الترابي لها، خصوصًا حين يتعلق الأمر بتدخلات المكتب الوطني للماء والكهرباء الذي يظهر، في هذا الملف، متراخيًا أو غير مبالٍ.
السكان يتحدثون عن طرق بدائية لتوفير الماء، من التنقل إلى دواوير مجاورة، إلى الاعتماد على الصهاريج الخاصة بأسعار باهظة، ما يُفاقم الأوضاع الاجتماعية والصحية، خاصة في صفوف الأطفال والنساء والمسنين.
من المسؤول؟
في ظل الصمت الغريب للمكتب الوطني للماء والكهرباء، ومع غياب أي إعلان رسمي بخصوص الآجال المتوقعة لإصلاح العطب، يحمّل السكان المسؤولية للجهات الوصية على القطاع، مطالبين بتدخل عاجل من عامل الإقليم، وفتح تحقيق حول أسباب هذا التأخير غير المبرر، وتحديد الجهات المقصرة في أداء مهامها.
كما يطالب المواطنون بتوفير حلول استعجالية بديلة إلى حين إصلاح القناة المتضررة، عبر تزويد الدواوير بصهاريج مجانية أو توزيع الماء بشكل دوري ومنظم، تجنبًا لما يصفونه بـ"التحول التدريجي للحق في الماء إلى سلعة تجارية لا يقدر عليها إلا الميسورون".
أزمة الماء بجماعة أكليف ليست مجرد عطب تقني، بل تجسيد صارخ لفشل تدبيري قد تتحول تبعاته إلى أزمة اجتماعية حقيقية إن لم يتم تداركها في القريب العاجل. وبين صمت الجهات المعنية، واستغاثات المواطنين، تبقى الأسئلة معلقة: من ينصف سكان إيميزار ومراو؟ وهل ينتظر المكتب الوطني للماء كارثة صحية حتى يتحرك؟
ما هو رد فعلك؟






